المصادقة والتفويض (الأمان الرقمي)

في عالم اليوم الرقمي المتسارع، أصبحت حماية الأنظمة والمعلومات أولوية قصوى لكل مؤسسة، سواء كانت تجارية أو تعليمية أو حكومية.

ومن أهم ركائز الأمان السيبراني مصطلحان أساسيان، كثيرًا ما يُستخدمان معًا، ولكنهما يؤديان وظائف مختلفة تمامًا، وهما: المصادقة (Authentication) والتفويض (Authorization).

أولًا: المصادقة (Authentication)
تعني المصادقة التحقق من هوية المستخدم، أي التأكد من أن الشخص الذي يحاول الدخول إلى النظام هو بالفعل الشخص الذي يدّعيه. تتم المصادقة عادة باستخدام:

  • اسم المستخدم وكلمة المرور
  • وسائل أكثر أمانًا مثل: التحقق بخطوتين (2FA)
  • القياسات الحيوية (بصمة الإصبع أو الوجه)
  • الرموز المؤقتة عبر تطبيقات الأمان

على سبيل المثال: عندما تدخل إلى بريدك الإلكتروني، وتُطلب منك كلمة المرور، فأنت تمر بمرحلة "المصادقة".

ثانيًا: التفويض (Authorization)
بعد التأكد من هويتك عبر المصادقة، تأتي مرحلة التفويض، وهي تحديد الصلاحيات التي يمتلكها المستخدم داخل النظام.
بمعنى آخر، هي الإجابة على السؤال:

"ما الذي يُسمح لك بالوصول إليه أو فعله بعد الدخول؟"

مثال:

المستخدم العادي قد يتمكن من مشاهدة ملفاته فقط، بينما المدير يستطيع تعديل ملفات الجميع.

أهمية تطبيق سياسات أمنية قوية
الاعتماد على المصادقة والتفويض وحدهما لا يكفي لضمان أمن الأنظمة، بل لا بد من دعم هاتين العمليتين بسياسات أمنية صارمة، من أهمها:

1. استخدام سياسات كلمات مرور قوية (Use Strong Password Policies)
كلمة المرور هي المفتاح الأساسي للدخول إلى الحسابات. وإذا كانت ضعيفة، فإنها تُشكل ثغرة خطيرة. لذلك، يجب اتباع سياسات قوية مثل:

  • أن تحتوي على أحرف كبيرة وصغيرة، أرقام، ورموز خاصة
  • ألا تقل عن 12 حرفًا
  • عدم استخدام كلمات شائعة (مثل: 123456 أو password)
  • تغييرها بشكل دوري (كل 60 أو 90 يومًا)
  • عدم تكرار كلمة المرور نفسها في مواقع متعددة

لأن الهجمات القائمة على تخمين كلمات المرور (Brute Force) ما تزال من أكثر أساليب الاختراق شيوعًا.

2. تخزين كلمات المرور بشكل آمن (Store Passwords Securely)
من أكبر الأخطاء التي ترتكبها بعض الأنظمة هو تخزين كلمات المرور بنصها الصريح (Plain Text).
لذلك، من الضروري:

  • تشفير كلمات المرور قبل تخزينها باستخدام خوارزميات مثل:
    1. bcrypt
    2. Argon2
    3. PBKDF2
  • استخدام تقنيات Salting لإضافة تعقيد إضافي قبل التشفير، مما يصعّب على المخترقين تحليلها حتى في حال تسريب البيانات.
  • تجنب إرسال كلمات المرور عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية.

3. تقييد محاولات تسجيل الدخول (Limit Login Attempts)
لكي نحمي الأنظمة من هجمات التخمين، يجب تحديد عدد المرات التي يُسمح فيها بتجربة كلمة مرور خاطئة.
مثلًا:

إذا أخطأ المستخدم في إدخال كلمة المرور 5 مرات متتالية، يتم:

  • قفل الحساب مؤقتًا (مثلاً لمدة 15 دقيقة)
  • أو طلب خطوة تحقق إضافية
  • تسجيل المحاولة في سجل أمني لمراجعتها لاحقًا

هذا الإجراء يقلل من فرص نجاح الهجمات الآلية التي تحاول تجربة آلاف الكلمات في الدقيقة.

 

في النهاية، يشكّل الجمع بين المصادقة والتفويض، جنبًا إلى جنب مع سياسات الأمان الجيدة مثل استخدام كلمات مرور قوية، وتخزينها بأمان، وتقييد محاولات الدخول، جدارًا منيعًا يحمي المعلومات والأنظمة من التهديدات المتزايدة في العصر الرقمي.

ولا ينبغي الاكتفاء بهذه الأساسيات، بل من المهم تطوير الأنظمة باستمرار، ومتابعة أحدث التهديدات الأمنية، وتوعية المستخدمين بدورهم الأساسي في الحفاظ على الأمن السيبراني.

مقالات ذات صلة